منوعات

رواية حين همس الحب في قلبي الفصل الثاني

مرّت أيام قليلة بعد ذلك المساء الذي لم يغادر ذاكرة ليلى كانت تعود إلى عملها في المكتبة كعادتها لكن في داخلها شيء تغير لم تكن تعرف ما الذي تنتظره بالضبط غير أن انتظارًا خفيًا يسكن قلبها كلما سمعت صوت الباب الخشبي يُفتح وكأنها تأمل أن يكون هو من يدخل مرة أخرى

في ظهيرة يومٍ هادئ عاد الرجل ذاته بخطواتٍ مطمئنة وابتسامة أكثر دفئًا من المرة السابقة اقترب من الطاولة وقال بصوتٍ واثق

لقد أنهيت الرواية التي اشتريتها من هنا لكنها لم تُجب عن الأسئلة التي أبحث عنها

ابتسمت ليلى وهي ترفع نظرها نحوه وسألته

وما هي أسئلتك يا ترى

جلس أمامها دون تردد وقال

أريد أن أفهم لماذا نكتب عن الحب ونحن لا نعرفه تمامًا ولماذا نقرأ عنه وكأننا نخشى أن نعيشه

كلماته تسللت إلى أعماقها مثل لحنٍ قديم كانت تعرفه دون أن تسمعه من قبل حاولت أن تخفي ارتباكها وقالت بهدوء

ربما لأن الكتابة تمنحنا شجاعة لا نملكها في الواقع أو لأننا نخاف من أن نخسر حين نحب بصدق

ضحك بهدوء وقال

إذن أنتم النساء أكثر صدقًا في الكتابة لأنكم تكتبن بالقلب لا بالقلم

نظرت إليه في صمت كانت عيناه تبوحان بما لم يقله فشعرت لوهلة أن بينهما حوارًا آخر لا يحتاج إلى كلمات وكأن الكتب من حولهما اختفت ولم يبق سوى نبضين يقتربان من الاعتراف بشيء لم يولد بعد

مرّت الدقائق ببطء وهو يتحدث عن الروايات وعن الحياة وعن فكرة أن كل إنسان يحمل في داخله قصة لم تُكتب بعد بينما كانت ليلى تنصت إليه بإعجاب خفي وكل كلمة تخرج من فمه كانت تترك أثرها في قلبها دون إذن

قبل أن يغادر نظر إليها وقال بصوتٍ مفعم بالصدق

أظن أنني وجدت الكتاب الذي أبحث عنه لكنه ليس على هذا الرف

سألته بابتسامة حائرة

وأين وجدته إذن

قال وهو يضع يده على صدره بخفة

هنا في قلبي

رحل بعد تلك الجملة تاركًا ليلى في صمتٍ طويل لا تشاركها فيه سوى رائحة الكتب القديمة ونبضٍ لم تعرف له اسمًا بعد لكنها كانت تدرك في قرارة نفسها أن شيئًا ما بدأ يتفتح ببطء في قلبها كزهرةٍ خرجت من شتاءٍ طويل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى