منوعات

رواية حين همس الحب في قلبي الفصل الأول

كانت السماء تميل إلى الرمادي في مساء خريفي بارد والمدينة تغفو على وقع المطر المتساقط كأنها تنسى ضجيج النهار داخل مكتبة صغيرة تقع عند زاوية الشارع القديم جلست ليلى خلف طاولة خشبية تقلب صفحات رواية لا تدري كم مرة قرأتها من قبل لكنها كانت تقرأها دائمًا حين تحتاج أن تهرب من الواقع إلى دفء الحروف

همس بين الرفوف

كان الهدوء يلف المكان إلا من صوت المطر حين يلامس الزجاج ورائحة الورق القديم التي تشبه الذكريات البعيدة لم تكن ليلى تنتظر أحدًا لكنها شعرت في تلك اللحظة بأن شيئًا مختلفًا سيحدث كأن نغمة جديدة تتسلل إلى لحن حياتها الهادئ

دخل رجل يحمل ملامح متعبة وابتسامة خفيفة عيناه تبحثان عن شيء لا تعرفه أو ربما عن سلام افتقده منذ زمن اقترب من الرفوف بخطوات بطيئة يمرر أصابعه على عناوين الكتب كما لو كان يقرأها بأنامله لا بعينيه

رفعت ليلى رأسها نظرت إليه من بعيد لم يكن يشبه القراء المعتادين الذين يأتون لشراء الكتب ثم يغادرون بل كان يحمل في حضوره شيئًا يشبه الغموض والسكينة في آن واحد سألها بصوت منخفض

هل لديكم كتب عن الحب

تجمدت للحظة فالسؤال بدا بسيطًا لكنه أيقظ في قلبها ما كانت تحاول إخفاءه منذ زمن أجابت بابتسامة خفيفة

أي نوع من الحب تقصد ذلك الذي نقرأه أم الذي يوجعنا

ابتسم هو بدوره نظرة قصيرة بينهما كانت كافية لتفتح بابًا من الأسئلة التي لم تُسأل بعد قال بهدوء

أظن أنني أبحث عن النوع الذي يُكتب حين يعجز القلب عن الكلام

تأملت كلماته شعرت بأن شيئًا في داخلها تحرك كأن صوتًا خافتًا همس في قلبها دون أن تسمعه الأذن لكنه ترك أثره العميق دلّته على الرف الثالث من الجهة اليسرى حيث كتب العشق القديمة ثم جلست تتابع حركته دون أن تدري لماذا

كان يتنقل بين الكتب كمن يبحث عن ذاته إلى أن توقف عند رواية المدينة التي لا تنام فتحها وتأمل سطورها طويلًا حين رفع عينيه وجدها تراقبه فتبادل معها نظرة قصيرة امتلأت بالكثير من الصمت والفضول

ذلك المساء لم يكن عاديًا ولم تكن ليلى تدري أن اللقاء العابر بين الرفوف سيغير كل شيء في أيامها القادمة في تلك اللحظة حين ابتسم لها وغادر همس الحب في قلبها للمرة الأولى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى